إن تعليم اللغات ما هو إلا سبيل لبناء جسور التواصل بين الدول والشعوب، وهو مؤشر جلي على مدى إدراك القائمين عليه أهمية الانفتاح على الآخر، وتبادل المعرفة وتعزيز فرص التعاون في شتى المجالات، لا سيما إن كان هذا الآخر تربطك به علاقات وطيدة ومصالح مشتركة كجمهورية تركيا.
انطلاقاً من ذلك وانعكاساً لريادة وتميز جامعة الملك سعود تم إنشاء برنامجاً للغة التركية تحت مظلة كلية اللغات وعلومها، وهو أحد البرامج التي تتفرد وتتميز بها الكلية ممثلة بجامعة الملك سعود على مستوى جامعات المملكة، وهو يُعنى بتعليم اللغة التركية والترجمة منها واليها وتأهيل كوادر وطنية مزودة بالمهارات اللغوية والمعرفية اللازمة لتلبية احتياجات سوق العمل، ويقتصر البرنامج في منهجه على تعليم اللغة الرسمية لجمهورية تركيا، وهي فرع من فروع اللغة التركية التي يمتد نطاقها الجغرافي من حدود الصين شرقاً الى أجزاء من الجنوب الشرقي لقارة أوروبا، ويتحدث بها على تنوع لهجاتها ما يقارب المائتان مليون نسمة، وتعد رافداً مهما من روافد الحضارة الإسلامية.
تبرز أهمية تعليم اللغة التركية لدينا في المملكة على مستويين اثنين، أولها أن تاريخ المملكة العربية السعودية مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بما احتوته دور الوثائق التركية من وثائق عثمانية تخص أحوال البلاد العربية، وهي بحاجة للدراسة والترجمة، وثانيها ارتباط جمهورية تركيا بعلاقات وثيقة ومتنوعة مع المملكة العربية السعودية، تستدعي وجود كفاءات متخصصة في اللغة التركية من شأنها المساهمة في تيسير عملية التواصل على جميع الأصعدة، وهذا ما تحقق نسبياً منذ تاريخ إنشاء البرنامج، فقد أثمرت الجهود في تخريج كفاءات من شباب الوطن شغروا وظائف مرموقة في العديد من القطاعات الحكومية مثل وزارة الخارجية والديوان الملكي والجهات الأمنية وفي العديد من الشركات في القطاع الخاص، وما زالت الحاجة قائمة وخصوصاً في ظل ما تشهده بلادنا من نهضة متسارعة تسير بخطى ثابتة في جميع الاتجاهات نحو مستقبلٍ زاهرٍ لأبنائها.