تُعد اللغة الأَلمانيَّة إحدى كبرى لغات العالم فهي اللغة الأم لأكثر من مئة مليون شخص حول العالم، واللغة الأم الأَكثر انتشاراً في الاتِّحاد الأوروبِّي وتحتل الأَلمانيَّة بالاشتراك مع الفرنسيَّة المرتبة الثانية كأكثر لغة أجنبية شائعة في الاتِّحاد الأوروبِّي بعد الإنجليزيَّة، ما يجعل الأَلمانيَّة ثاني أكبر لغة في الاتِّحاد الأوروبِّي من حيث مجموع عدد متحدثيها الأصليين والذين تعلموها بعد اللغة الإنجليزيَّة،وهي ثاني أكثر لغة أجنبية يجري تعليمها للطلاّب ضمن مرحلة التعليم الابتدائي في الاتِّحاد الأوروبِّي بعد الإنجليزيَّة (ولكنها تحتل المرتبة الثالثة بعد الإنجليزيَّة والفرنسيَّة ضمن مرحلة التعليم الثانوي، ورابع أكثر لغة (دون الإنجليزيَّة) يجري تعليمها في الولايات المتحدة (بعد الإسبانيَّة والفرنسيَّة ولغة الإشارة الأمريكيَّة وتُعد اللغة الأَلمانيَّة ثاني أهم لغات العلوم حيث هي ثاني أكثر لغة تستخدم في المنشورات والبحوث الأكاديمية، وثاني أكثر لغة مُستخدمة على مواقع الويب بعد الإنجليزيَّة، وتحتل البلدان النَّاطِقة بالألمانيَّة المرّكز الخامس من حيث المعدل السنوي لنشر الكتب الجديدة حيث يُنشر عشر جميع الكتب في العالم أجمع (وهذا يشمل الكتب الإلكترونية) باللغة الألمانية.
تمتد جذور اللغة الألمانية إلى عائلة اللغات الهندوأوروبية التي تنتمي إليها مجموعات لغوية متعددة، وتنتمي اللغة الألمانية إلى مجموعة اللغات الجرمانية مع لغات أخرى مثل اللغة الإنجليزية، واللغة الهولندية، واللغة الدانمركية، واللغة السويدية. أول مراحل تاريخ اللغة الألمانية بدأت بعد الانفصال عن اللغات الجرمانية وميلاد ما سُمي باللغة الألمانية القديمة (750م – 1050م)، ثم تطورت اللغة الألمانية حتى وصلت إلى اللغة الألمانية الحديثة. وكان لمارتن لوتر الذي قاد حركة إصلاح الكنيسة ومن ثم ساهم في انقسام المسيحية إلى الكاثوليكية والبروتستانتية، دور بارز في وضع الأساس لبداية اللغة الألمانية الحديثة (1350م – 1650م). ترجم لوتر الإنجيل من اللاتينية إلى الألمانية وألف العديد من الكتب عن الترجمة والدين. كان لوتر يتمتع بحس لغوي عال، وجمعت كتاباته السمات اللغوية لكل اللهجات، وبالتالي كانت لغة لوتر حجر الأساس للألمانية الحديثة، لأن كتاباته انتشرت في كل أنحاء ألمانيا، ساعد على ذلك محتواها الديني ووجود الطباعة. ويكفي أن نعرف أن ترجمة لوتر للإنجيل طُبع منها 100 ألف نسخة في الفترة بين 1534م و 1547م.
يرتبط العالم العربي بعلاقات ودية ووثيقة مع البلاد التي تتحدث الألمانية، ربما يرجع ذلك إلى أن التاريخ الحديث يخلو من المصادمات مع تلك البلاد. ولكن ليس هذا هو السبب الوحيد للاهتمام المتزايد بتعلم اللغة الألمانية في العالم العربي. فهناك أيضاً النسبة العالية للسياح متحدثي اللغة الألمانية في البلاد العربية (في مصر مثلاً تبلغ نسبتهم أكثر من 30% من السياح)، كما أن الدراسة في البلاد التي تتحدث الألمانية، خصوصاً في ألمانيا، تجتذب الكثيرين من البلاد العربية. طبقاً للإحصائيات هناك أكثر من 250 ألفاً يتعلمون اللغة الألمانية في العالم العربي، منهم أكثر من 6 آلاف تخصصوا في دراسة علوم اللغة الألمانية (العلوم الجرمانية).
يمكن الحصول على درجات الليسانس أو البكالوريوس والدبلوم والماجستير والدكتوراه في اللغة الألمانية من حوالي 20 جامعة عربية. كما تقدم العديد من الجامعات العربية اللغة الألمانية كلغة ثانية لدارسي التخصصات الأخرى. على مستوى المدارس انتشرت اللغة الألمانية كلغة أجنبية أولى أو ثانية في المراحل التعليمية المختلفة في العالم العربي. إضافة إلى دارسي الألمانية في الجامعات والمدارس يوجد الآلاف الذين يتعلمون الألمانية لأسباب خاصة في معاهد جوته المنتشرة في البلاد العربية أو في المعاهد الخاصة الأخرى.
وكان للمملكة العربية السعودية الريادة في منطقة الخليج بإنشاء برنامج اللغة الألمانية في كلية اللغات وعلومها بجامعة الملك سعود في عام 1415هـ الموافق 1994م، أي قبل حوالي 15 عاما، ليكون البرنامج الأول في دول الخليج الذي يقدم دراسة متخصصة في اللغة الألمانية والترجمة. يدرس في هذا البرنامج سنوياً حوالي 40 طالبا.
ولم يأت إنشاء هذا البرنامج من فراغ، فللبلاد المتحدثة بالألمانية أكثر من مائتي شركة ومؤسسة ألمانية في السعودية، يعمل فيها ما يزيد عن ثلاثة آلاف مواطن يتحدثون الألمانية. وهناك سعوديون كثيرون درسوا أو ما زالوا يدرسون الماجستير والدكتوراه في البلاد المتحدثة بالألمانية. كما أن وزارة التعليم العالي ترسل بعثات طلابية إلى ألمانيا لاستكمال الدراسة هناك.